أقبل الصحابة الكرام ينهلون من القرآن الكريم المعجزة الكبرى والهداية العظمى، وكانوا يتلقون من النبي صلى الله عليه وسلم الآيات المعدودة من القرآن الكريم حين نزول الوحي، يتعلمون معناها، ويتفهمون أحكامها، ويطبقون ما فيها، ثم يحفظونها، ومنهم من كان يكتب في الصحف والألواح والعسب. لقد كان الاعتماد في نقل القرآن الكريم على حفظ القلوب وحفظ السطور – وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، فالقرآن حفظ في الصدور والسطور، فلم ولن يتطرق إليه الذهاب أو التحريف، بل بقي على مر الزمان يقرأ في يسر وسهولة على كل حال.
وسيبقى القرآن الكريم محفوظا بإذن الله إلى قيام الساعة لقوله تعالى: (إنَّا نَحنُ نَزَّلَنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحَافِظُون) سورة الحجر: آية 9. وفي هذا الزمان قيض الله تعالى للقرآن الكريم ولاة الأمر لهذه البلاد حرسها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه طباعة القرآن الحكيم طباعة متقنة، نصَّاً دقيقاً بذلت من أجله أرقى الخدمات العلمية الجليلة في نشر القرآن الكريم من برامج حاسوبية، ووسائل نشرٍ رقمية، وما يتعلق بالتوليد الآلي للخطوط الحاسوبية، وطرق حماية النسخ الرقمية من التحريف. فالثورة التقنية المعلوماتية سهلت كثيرا من إجراءات الطباعة والصف والتنضيد، لكن كتاب الله الكريم يحتاج لمعالجة علمية عالية حتى لا يدخله شيء من التحريف أو التبديل سواء كانا مقصودين أم لا. فإصدار نسخة من المصحف الشريف مطبوعة ورقيا أو رقميا، لا يكون إلا بعد مرورها على عدة لجان علمية معيارية، وهذا يؤكد إعجاز القرآن الكريم من ناحية حفظه واستثمار كل ما هو نافع من العلوم والمعارف في خدمة كتاب الله العظيم. وتأتي هذه الندوة المباركة في طيبة الطيبة يعنوان: (طباعة القرآن الكريم ونشره بين الواقع والمأمول) التي ينظمها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة لتلحق بالندوات الخمس الدولية العلمية السابقة في خدمة القرآن الكريم، فشكرا للقائمين على المجمع، هذا الصرح الكبير بإشراف معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف على جهوده الحثيثة ومنجزاته المتعددة مما أهل المجمع بفضل الله على أن يتبوأ مكانة عالية ومنزلة لدى العلماء في أنحاء العالم أجمعه، ولدى عموم المسلمين في المعمورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أستاذ الثقافة الإسلامية في قسم الشريعة كلية الشريعة بالأحساء
* رابط الخبر : http://www.makkahnewspaper.com/makkahNews/blogs/91718.html#.VHYFcRNxl9A